حلقات الأشجار المعمرة تكشف تطرفا مناخيا خلال القرن العشرين
وجّه باحثون من جامعات عدة في الولايات المتحدة وأميركا الجنوبية صرخة تحذير من ارتفاع وتيرة موجات الجفاف المتطرفة التي تعيشها مناطق عديدة من أميركا الجنوبية كنتيجة متوقعة ومنطقية لظاهرة الاحتباس الحراري.
وقد نشرت ورقتهم البحثية يوم 6 يوليو/تموز الجاري في دورية "بروسيدنجز أوف ذا ناشيونال أكاديمي أوف ساينسز" "بي إن إيه إس" (PNAS) تحت عنوان "600 عام من حلقات الأشجار في أميركا الجنوبية تكشف عن زيادة في الأحداث المناخية المائية الحادة منذ منتصف القرن العشرين".
أطلس سنوات الجفاف
حلقات النمو في المقطع العرضي للأشجار سجلات تاريخية تروي حكايات غنية بالمعلومات عن المناخ الذي نمت فيه كل شجرة بما في ذلك تغيرات الرطوبة.
وقد تمكن فريق من الباحثين، وفقا للتقرير الذي نشره موقع ساينس ألرت (Science Alert) عن الدراسة، من تطوير قاعدة بيانات تضمنت معلومات حول المناخ تمتد على مدى 600 عام مضت. وقد لاحظ الباحثون شذوذا ملحوظا في الطقس بدأ للمرة الأولى في منتصف القرن العشرين.
وتشكل السجلات الجديدة التي جمعها الباحثون أحدث نسخة من أطلس الجفاف في أميركا الجنوبية والذي سمي "سادا" (SADA)، والذي يظهر تقلبات الرطوبة على مدى القرون الستة الماضية مدعما بسجلات تاريخية أخرى.
وبالاستناد لبيانات الأطلس الجديد، لاحظ الباحثون أن وتيرة أحداث الجفاف الشديد قد ارتفعت منذ ثلاثينيات القرن العشرين، حيث تم رصد حدوث جفاف واحد كل عشر سنوات منذ الستينيات.
وهنا لا بد من التنويه إلى أن أميركا الجنوبية تعاني من "ضعف شديد" تجاه الأحداث المناخية المتطرفة، وقد فرضت حالات الجفاف الأخيرة التي سادت في المنطقة صعوبات وتحديات كبيرة في مجال الزراعة في مناطق شاسعة من القارة. وتعرضت معها بعض الأنظمة الغذائية لخطر الانهيار.
وبينما تعاني أجزاء من الأرجنتين وتشيلي من أسوأ موجات الجفاف المسجلة، فإن المناطق في الجزء الجنوبي الشرقي من القارة تعاني من ظروف رطبة بشكل غير طبيعي.
تقلبات مناخية
وبالاستناد إلى البيانات التي تم جمعها من إجمالي ما يقدر بـ286 شجرة، يرى الباحثون أن هذا الإصدار الجديد من سادا يسلط الضوء على التغيرات المناخية الشاذة التي يشهدها كل من الأرجنتين وتشيلي وأورغواي وباراغواي ومعظم بوليفيا وجنوب البرازيل وبيرو.
وقد حدد الباحثون ثلاثة عوامل رئيسية للتقلبات المناخية الشاذة التي شهدها العالم على مدى السنوات الستين الماضية أو نحو ذلك.
وقد تمثلت العوامل في تغيرات درجة حرارة سطح البحر الدورية فوق المحيط الهادي والأطلسي، وحزام من الرياح الغربية حول القارة القطبية الجنوبية يسمى الوضع الحلقي الجنوبي، ونموذج الحمل الحراري الذي يدعى "خلية هادلي"، والذي يتم فيه توزيع الهواء الدافئ والرطب من وإلى خط الاستواء.
ويعتقد الباحثون أن التحولات التي يمكن أن تعزى إلى غازات الدفيئة والمواد الكيميائية التي تدمر طبقة الأوزون تتداخل مع هذه العوامل الرئيسية الثلاثة.
ويأمل فريق سادا أن تسهم البيانات التي تقدمها حلقات الأشجار في فهم أفضل للتحولات المناخية طويلة الأمد والظروف المعاصرة، والأهم أن تمكننا من إعداد خطط مستقبلية واعية تستند إلى أسس علمية دقيقة.
المناخ المتطرف
وعلى الرغم من بنك المعلومات الثري الذي توفره حلقات نمو الأشجار، فإنها لا تزودنا بمعلومات عن الأسباب الحقيقية الكامنة وراء الحالات المناخية المتطرفة التي تم رصدها بين ثنايا حلقاتها.
بيد أن فريق الباحثين يأمل أن يكون بنك البيانات هذا قاعدة انطلاق مرجعية لدراسات بحثية عديدة قد تتمكن من تحديد دقيق لمسببات حالات المناخ الشاذة تلك.
ويرى الباحثون أن وتيرة هذه الأحداث المناخية المتطرفة تتسارع بشكل متزايد على التوازي مع تصاعد تأثيرات الأنشطة البشرية، لكن لا يمكن الاعتماد كليا على أطلس سادا كدليل وحيد على مقدار التغيرات المرصودة بسبب تقلب المناخ مقابل الاحترار الناجم عن أنشطة الإنسان.
ويعتبر الباحثون أن سلوكياتنا الحالية لا تشير إلى احتمال توقف أحداث الشذوذ المناخية في وقت قريب، بل على العكس سيترافق النشاط المتسارع من الاحترار العالمي بموجة قريبة من الأحداث الشاذة سواء الرطبة أو الجافة منها.
المصدر : الصحافة الأسترالية
التعليقات: 0
اترك تعليقا